شروط الأضحية
شروط الأضحية :
(1) الشرط الأول : أن تكون من بهيمة الأنعام :
اتفق جمهور أهل العلم على أنه يشترط في الأضحية أن تكون من بهيمة الأنعام ، أي من الإبل والبقر والغنم ،
ولا تجوز من جنس آخر ( كالفرس والحمر الوحشية ، أو الطيور .. الخ) ، ودليل ذلك قول المولى سبحانه :
" وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ " سورة الحج الآية 34.
فالأضحية كانت في كل ملة ، من بهيمة الأنعام ، وقد أجمع العلماء على أنه لا تجزي الضحية بغير الإبل والبقر والغنم كما نقل ذلك النووي .،
وقال القرطبي : "والذي يضحى به بإجماع المسلمين الأزواج الثمانية وهي الضأن والمعز والإبل والبقر." .
وأما ما ينسبونه كذباً إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه:
قال لبلال بن رباح بما ضحيت ؟ قال بديك ، فضحك صلى الله عليه وسلم وقال :مؤذن يضحى بمؤذن ؟ أي أنه لم ينكر عليه ( فلا أصل له وهو كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم) ، لايجوز أن يستشهد به مطلقاً ، كما ينبغي أن يلاحظ أن الأضحية تكون بحيوان معين حي يذبح أو ينحر في وقت مخصوص ، ومن ثم لايجوز أن يشتري لحماً وأن يقوم بتوزيعه .
(2) الشرط الثاني : أن تبلغ سن التضحية: أي أن تكون مسنة :
اتفق جمهور أهل العلم على أنه لا يجزئ من الإبل و البقر والمعز إلا الثني فما فوقه ويجزئ من الضأن الجذع فما فوقه .
وذلك لحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي خرجه مسلم في صحيحه : عَنْ جَابِرٍ بن عبد الله ( رضي الله عنهما ) أنه قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَذْبَحُوا إِلَّا مُسِنَّةً إِلَّا أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنْ الضَّأْنِ .
( صحيح مسلم - ك الأضاحي- باب سن الأضحية )
وقد اختلف الفقهاء في بيان الجذع والثني ، وذلك لاختلاف أهل اللغة فيهما ، والراجح من أقوالهم أن :
الجذع من الضأن : هو ما له سنة تامة ( وقيل ما تم له نصف سنة) والراجح ما له سنة تامة وهذا هو الأصح وهو الأشهر عند أهل اللغة وغيرهم .
والثني من المعز : ما أتم سنة ودخل في الثانية وقيل ما أتم سنتين.
والثني من البقر: ما أتم سنتين ودخل في الثالثة .
والثني من الإبل: ما أتم خمس سنين ودخل في السادسة.
حكم التضحية بالعجول المسمّنة التي لم تبلغ السن المقرر شرعاً :
تعارف بعض الناس على التضحية بالعجول المسمنة التي تقل أعمارها عن السن فقد يكون لها من العمر سنة إلى سنة ونصف ،
ولما كانت مسألة السن في الأضحية تعبدية ، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم الخصوصية لمن استثناهم من الصحابة من شرط السن
ففي حديث الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أن أَبُا بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ خَالُ الْبَرَاءِ قال :
" يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنِّي نَسَكْتُ شَاتِي قَبْلَ الصَّلَاةِ وَعَرَفْتُ أَنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَأَحْبَبْتُ أَنْ تَكُونَ شَاتِي أَوَّلَ مَا يُذْبَحُ فِي بَيْتِي فَذَبَحْتُ شَاتِي وَتَغَدَّيْتُ قَبْلَ أَنْ آتِيَ الصَّلَاةَ قَالَ شَاتُكَ شَاةُ لَحْمٍ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنَّ عِنْدَنَا عَنَاقًا لَنَا جَذَعَةً هِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ شَاتَيْنِ أَفَتَجْزِي عَنِّي قَالَ نَعَمْ وَلَنْ تَجْزِيَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ .".
( صحيح البخاري - كتاب الجمعة - باب الأكل يوم النحر )
وقد اتفق العلماء على أنه لا تجوز التضحية بما دون الثني من الإبل والبقر والمعز ،
ومن ثم فلا تصح التضحية بالعجول المسمنة مهما بلغ وزنها ولا بد من الالتزام بالسن المقرر عند الفقهاء في البقر وهو سنتان ،ولا يصح النقص عنه .
وينبغي أن يعلم أنه ليس المقصود من الأضحية اللحم فقط ، وتوزيعه صدقة أو هدية ، وإنما يقصد بالأضحية أيضاً تعظيم شعائر الله عز وجل ،
وإراقة الدم كوسيلة من وسائل الشكر لله تعالى ، قال الله تعالى :
" ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ " سورة الحج الآية 32 .
(3) الشرط الثالث: أن تكون الأضحية سليمة من المرض ومن العيوب المانعة من صحة الأضحية:
لمَّا كانت الأضحية قربة يتقرب بها العبد إلى الله عز وجل ، والله طيب لا يقبل إلا طيباً ، فينبغي أن تكون الأضحية ، طيبة ، وسمينة ، وخالية من العيوب التي تنقص من لحمها وشحمها ، فقد ثبت في الحديث الذي رواه الترمذي عن البراء بن عازب رضى الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" لا يُضَحَّى بِالْعَرْجَاءِ بَيِّنٌ ظَلَعُهَا وَلَا بِالْعَوْرَاءِ بَيِّنٌ عَوَرُهَا وَلَا بِالْمَرِيضَةِ بَيِّنٌ مَرَضُهَا وَلَا بِالْعَجْفَاءِ الَّتِي لَا تُنْقِي". ( الترمذي - ك الأضاحي) ،
وقَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ.
فائدة :
وحديث البراء هذا هو الأصل في باب العيوب في الأضحية ومدارها عليه وقال عنه الحافظ ابن عبد البر :
" العيوب الأربعة المذكورة في هذا الحديث فمجتمع عليها لا أعلم خلافاً بين العلماء فيها .
ومعلوم أن ما كان في معناها داخل فيها ولا سيما إذا كانت العلة فيها أبين".
والعوراء هي التي فقدت عينها أو فقدت الإبصار بها مع بقاء العين وهذه لا تجزئ باتفاق الفقهاء ، والعمياء أحرى ألا تجوز
( ولكن شذ ابن حزم في هذه المسألة وقال أن العمياء تجزأ لأن الحديث نص على العوراء فقط ) ، ولكن هذا من باب القياس الجلى أو مفهوم الخطاب ،
وكذلك إذا لم تجز العرجاء فالمقطوعة الرجل أو التي لا رجل لها المقعدة أحرى ألا تجوز ، وهذا كله واضح لا خلاف فيه
وحديث البراء رضى الله عنه يدل على أن المرض الخفيف لا يضر ، فيجوز التضحية
بالعشواء :وهي التي تبصر نهاراً ولا تبصر ليلاً عند الفقهاء ، ( وعند اللغويين فالعشى ضعف البصر ) ،
وبالحولاء: وهي التي في عينها حول ،
والعمشاء: وهي التي يسيل دمعها مع ضعف البصر ، وقيل التي في عينها بياض ،
والسكاء : من السكك وهو صغر الأذنين ،
والصمعاء : الصمع لصوق الأذنين وصغرهما .
ِالْعَرْجَاءِ بَيِّنٌ ظَلَعُهَا : فلا يضر العرج الخفيف الذي تلحق به الشاة الغنم لقوله صلى الله عليه وسلم البين عرجها .
البين مرضها : فلا يضر المرض الخفيف الذي يلحق الشاة لقوله صلى الله عليه وسلم البين مرضها ، والمرض البين هو المفسد للحم والمنقص للثمن ، فلا تجزئ الأضحية لو كانت جرباء أو كان بها بُثُورٌ وقروح .
العجفاء التي لا تنقي: العجف فرط الهزال المذهب للَّحم ، والتي لا تنقي أي لا مخ فيها لعجفها ، ولكن لا يضر ما كان فيها هزال خفيف .
وفضلا عن العيوب التي وردت في حديث البراء ، نجد حديث علي أيضا يذكر بعض العيوب الأخرى في الأضحية ، فقد أخرج النسائي :
عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قال قَالَ :
" أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَسْتَشْرِفَ الْعَيْنَ وَالأُذُنَ وَأَنْ لَا نُضَحِّيَ بِمُقَابَلَةٍ وَلا مُدَابَرَةٍ وَلا بَتْرَاءَ وَلا خَرْقَاءَ ".
( النسائي - ك الضحايا)
وقوله ( أن نستشرف العين والأذن ) أي نبحث عنهما ونتأمل في حالهما لئلا يكون فيهما عيب ، والمقابلة ما يقطع منها طرف الأذن ، والمدابرة ،
ما يقطع منها مؤخر الأذن ، والخرقاء التي تخرق أذنها للسِّمة أي لتمييزها عن غيرها ).
( والبتراء ) أي مقطوعة الذنب ، والجذعاء من الجذع وهو قطع الأنف أو الأذن أو الشفة وهو بالأنف أخص فإذا أطلق غلب عليه .
حكم التضحية بالخراف التي لا قرون أو لا إلية لها :
ظهر في السنوات الماضية الخراف الاسترالي التي يتم استيرادها والتي تتميز بأنها لا قرون لها ، ولا إلية لها . وهذا هو أصل خلقتها أنها لاقرون لها ، أو لا إلية لها ، وقد تناول الفقهاء قديما حكم البهائم التي م يخلق لها قرن والتي تسمى بالجماء ، وتسمى بالجلحاء أيضاً ، وذهبوا إلى أنها مجزئة في الأضحية باتفاق أصحاب المذاهب الأربعة.
أما المخلوقة بلا ألية أصلاً فتجزئ عند أبي حنيفة والشافعية والحنابلة ولا تجزئ عند المالكية ، وذلك بخلاف مقطوعة الألية وهي التي كانت لها ألية فقطعت ، فلا تجزئ عند الفقهاء .
هل يجوز التضحية بالكبش الخصي ؟
ذهب بعض الشافعية إلى أنه لايجوز التضحية بالكبش الخصي لذهاب عضو مأكول منه ،
ولكن جل الفقهاء على أن الخصي والموجوء يجزئان في الأضحية ،
وقال ابن قدامة : ويجزئ الخصي لأن النبي صلى الله عليه وسلم :
ضحى بكبشين موجؤين وبهذا قال الحسن وعطاء والشعبي والنخعي ومالك والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي ولا نعلم فيه مخالفاً.
ودليل ذلك ما خرجه ابن ماجه عن أبي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ اشْتَرَى كَبْشَيْنِ عَظِيمَيْنِ سَمِينَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ مَوْجُوءَيْنِ فَذَبَحَ أَحَدَهُمَا عَنْ أُمَّتِهِ
لِمَنْ شَهِدَ لِلَّهِ بِالتَّوْحِيدِ وَشَهِدَ لَهُ بِالْبَلَاغِ وَذَبَحَ الْآخَرَ عَنْ مُحَمَّدٍ وَعَنْ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (ابن ماجه – ك الأضاحي ).
حكم تسمين الأضحية :
واختلفوا في تسمينها فمذهب جمهور الفقهاء استحبابه وفي صحيح البخاري عن أبي أمامة كنا نسمن الأضحية وكان المسلمون يسمنون .
وعند بعض أصحاب مالك يكره ذلك لئلا يتشبه باليهود وهذا قول باطل ،
وقد روى البخاري في صحيحه تعليقاً : قال يحيى بن سعيد قال: سمعت أبا أمامة بن سهل قال: كنا نسمن الأضحية بالمدينة وكان المسلمون يسمنون ، فالراجح القول باستحباب تسمين الأضحية ، لأن ذلك أعظم لأجرها وأكثر لنفعها.
تابع>>