مبطلات الصلاة
هل مرور الصبي بين يدي والده في الصلاة هل تبطل صلاته
خرج مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْمَرْأَةُ وَالْحِمَارُ وَالْكَلْبُ وَيَقِي ذَلِكَ مِثْلُ مُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ.
وخرج الترمذي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ قَال سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
إِذَا صَلَّى الرَّجُلُ وَلَيْسَ بَيْنَ يَدَيْهِ كَآخِرَةِ الرَّحْلِ أَوْ كَوَاسِطَةِ الرَّحْلِ قَطَعَ صَلَاتَهُ الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ وَالْمَرْأَةُ وَالْحِمَارُ فَقُلْتُ لِأَبِي ذَرٍّ مَا بَالُ الْأَسْوَدِ مِنْ الْأَحْمَرِ مِنْ الْأَبْيَضِ
فَقَالَ يَا ابْنَ أَخِي سَأَلْتَنِي كَمَا سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ شَيْطَانٌ ".
قَالَ الترمذي وَفِي الْبَاب عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَالْحَكَمِ بْنِ عَمْرٍو الْغِفَارِيِّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأَنَسٍ قَالَ أَبُو عِيسَى حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَيْهِ قَالُوا
يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْحِمَارُ وَالْمَرْأَةُ وَالْكَلْبُ الْأَسْوَدُ قَالَ أَحْمَدُ الَّذِي لَا أَشُكُّ فِيهِ أَنَّ الْكَلْبَ الْأَسْوَدَ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ وَفِي نَفْسِي مِنْ الْحِمَارِ وَالْمَرْأَةِ شَيْءٌ قَالَ إِسْحَقُ لَا يَقْطَعُهَا شَيْءٌ إِلَّا الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ.
قال النووي : اختلف العلماء في هذا فقال بعضهم يقطع هؤلاء الصلاة .
وقال أحمد بن حنبل : يقطعها الكلب الأسود وفي قلبي من الحمار والمرأة شيء ووجه قوله : إن الكلب لم يجيء في الترخيص فيه شيء يعارض هذا الحديث
وأما المرأة ففيها حديث عائشة رضي الله عنها يعني الذي أشار إليه الترمذي في الباب المتقدم وذكرنا لفظه : وفي الحمار حديث ابن عباس يعني الذي رواه الترمذي في الباب المتقدم .
وقال مالك وأبو حنيفة والشافعي رضي الله عنهم وجمهور من السلف والخلف : لا تبطل الصلاة بمرور شيء من هؤلاء ولا من غيرهم
وتأول هؤلاء هذا الحديث على أن المراد بالقطع نقص الصلاة لشغل القلب بهذه الأشياء وليس المراد إبطالها .
ومنهم من يدعي نسخه بالحديث الآخر : لا يقطع صلاة المرء شيء وادرأوا ما استطعتم وهذا غير مرضي لأن النسخ لا يصار إليه إلا إذا تعذر الجمع بين الأحاديث وتأويلها
وعلمنا التاريخ وليس هنا تاريخ . ولا تعذر الجمع والتأويل بل يتأول على ما ذكرناه مع أن حديث : لا يقطع صلاة المرء شيء ضعيف انتهى .
قوله : ( وفي الباب عن أبي سعيد والحكم الغفاري وأبي هريرة وأنس ) أما حديث أبي سعيد فأخرجه أبو داود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لا يقطع الصلاة وأدرأوا ما استطعتم فإنما هو شيطان وأما حديث الحكم الغفاري فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير .
وأما حديث أبي هريرة فأخرجه مسلم عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب ويقي ذلك مثل مؤخرة الرحل .
وأما حديث أنس فأخرجه البزار بلفظ : يقطع الصلاة الكلب والحمار والمرأة . قال العراقي : رجاله ثقات . وفي الباب أيضا عن عبد الله بن المغفل أخرجه أحمد وابن ماجه عنه
عن النبي صلى الله عليه وسلم : يقطع الصلاة المرأة والكلب والحمار . قال الشوكاني : رواه ابن ماجه من طريق جميل بن الحسن وفيه ضعف وبقية رجاله ثقات .
وعن ابن عباس أخرجه أبو داود وابن ماجه بلفظ : يقطع الصلاة الكلب الأسود والمرأة الحائض . ولم يقل أبو داود الأسود وقد روى موقوفا عن ابن عباس .
وعن ابن عباس حديث آخر مرفوع عند أبي داود وزاد فيه الخنزير واليهودي والمجوسي . وقد صرح أبو داود أن ذكر الخنزير والمجوسي فيه نكارة
قال ولم أسمع هذا الحديث إلا من محمد بن إسماعيل وأحسبه وهم لأنه كان حدثنا من حفظه انتهى .
وعن عبد الله بن عمر وأخرجه أحمد قال : بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعض أعلى الوادي يريد أن يصلي قد قام وقمنا إذ خرج علينا حمار من شعب .
فأمسك النبي صلى الله عليه وسلم فلم يكبر وأجرى إليه يعقوب بن زمعة حتى رده .
قال العراقي وإسناده صحيح وعن عائشة أخرجه أحمد قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يقطع صلاة المسلم شيء إلا الحمار والكافر والكلب والمرأة لقد قرنا بدواب سوء .
قاله العراقي ورجاله ثقات . قوله : ( حديث أبي ذر حديث حسن صحيح ) أخرجه الجماعة إلا البخاري .
قوله : ( وقد ذهب بعض أهل العلم إليه قالوا يقطع الصلاة الحمار والمرأة والكلب الأسود قال أحمد الذي لا أشك فيه أن الكلب الأسود يقطع الصلاة وفي نفسي من الحمار والمرأة شيء )
قال الشوكاني : أحاديث الباب تدل على أن الكلب والمرأة والحمار تقطع الصلاة . والمراد بقطع الصلاة إبطالها وقد ذهب إلى ذلك جماعة من الصحابة منهم
أبو هريرة وأنس وابن عباس في رواية عنه . وحكى أيضا عن أبي ذر وابن عمر وجاء عن ابن عمر أنه قال به في الكلب وقال به الحكم بن عمرو الغفاري في الحمار
وممن قال من التابعين بقطع الثلاثة المذكورة الحسن البصري وأبو الأحوص صاحب ابن مسعود ومن الأئمة أحمد بن حنبل في ما حكاه عنه ابن حزم الظاهري وحكى الترمذي عنه
أنه يخصصه بالكلب الأسود ويتوقف في الحمار والمرأة . قال ابن دقيق العيد : وهو أجود مما دل عليه كلام الأثرم من جزم القول عن أحمد بأنه لا يقطع المرأة والحمار .
وذهب أهل الظاهر أيضا إلى قطع الصلاة بالثلاثة المذكورة إذا كان الكلب والحمار بين يديه سواء كان الكلب والحمار مارا أم غير مار وصغيرا أم كبيرا حيا أم ميتا
وكون المرأة بين يدي الرجل مارة أم غير مارة صغيرة أم كبيرة إلا أن تكون مضطجعة معترضة وذهب إلى أنه يقطع الصلاة الكلب الأسود والمرأة الحائض
ابن عباس وعطاء بن أبي رباح واستدلا بالحديث السابق عند أبي داود وابن ماجه يعني الذي ذكرناه في ما تقدم ولا عذر لمن يقول بحمل المطلق على المقيد من ذلك
وهم الجمهور وأما من يعمل بالمطلق وهم الحنفية وأهل الظاهر فلا يلزمهم ذلك وقال ابن العربي إنه لا حجة لمن قيد بالحائض لأن الحديث ضعيف
قال : وليست حيضة المرأة في يدها ولا بطنها ولا رجلها قال العراقي إن أراد بضعفه ضعف رواته فليس كذلك فإن جميعهم ثقات .
وإن أراد به كون الأكثرين وقفوه على ابن عباس فقد رفعه شعبة ورفع الثقة مقدم على وقف من وقفه . وإن كانوا أكثر على القول الصحيح في الأصول وعلوم الحديث انتهى .
قوله : ( وقال إسحاق لا يقطعها شيء إلا الكلب الأسود ) وحكاه ابن المنذر عن عائشة ودليل هذا القول أن حديث ابن عباس المذكور في الباب المتقدم أخرج الحمار
وحديث أم سلمة أخرج المرأة بلفظ : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي في حجرتها فمر بين يديه عبد الله أو عمر فقال بيده هكذا فرجع فمرت ابنة أم سلمة فقال بيده
هكذا فمضت فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هن أغلب . رواه أحمد وابن ماجه وفي إسناده مجهول وهو قيس المدني وبقية رجاله ثقات .
وكذلك أخرج المرأة حديث عائشة الذي أشار إليه الترمذي في الباب المتقدم وذكرنا لفظه والتقييد بالأسود أخرج ما عداه من الكلاب .
قلت في الاستدلال بحديث ابن عباس المذكور على إخراج الحمار وبحديث أم سلمة وعائشة على إخراج المرأة كلام فتفكر . وقد ذكره الشوكاني في النيل .
وخرج أبو داود عَنْ عَبَّاسِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ فِي بَادِيَةٍ لَنَا وَمَعَهُ عَبَّاسٌ فَصَلَّى فِي صَحْرَاءَ لَيْسَ
بَيْنَ يَدَيْهِ سُتْرَةٌ وَحِمَارَةٌ لَنَا وَكَلْبَةٌ تَعْبَثَانِ بَيْنَ يَدَيْهِ فَمَا بَالَى ذَلِكَ
( ونحن في بادية لنا ) : حال من المفعول والبادية البدو وهو خلاف الحضر ( ومعه عباس ) : حال من الفاعل ( حمارة لنا وكلبة ) : التاء فيهما إما للوحدة أو للتأنيث
( تعبثان ) : أي تلعبان ( بين يديه ) : أي قدامه . قال في المرقاة : وهو يحتمل ما وراء المسجد أو موضع بصره ( فما بالا ذلك ) : أي ما التفت إليه وما اعتده قاطعا .
قال في النيل : ليس في هذا الحديث ذكر أنهما مرا بين يديه وكونهما بين يديه لا يستلزم المرور الذي هو محل النزاع . قال المنذري : وأخرجه النسائي بنحوه
وذكر بعضهم أن في إسناده مقالا وقال إنه لم يذكر فيه بعث الكلب وقد يجوز أن يكون الكلب ليس بأسود .
وخرج أبو داود – ك الصلاة عن مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَعِيلَ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ الْبَصْرِيُّ حَدَّثَنَا مُعَاذٌ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَحْسَبُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ صَلَاتَهُ الْكَلْبُ وَالْحِمَارُ وَالْخِنْزِيرُ وَالْيَهُودِيُّ وَالْمَجُوسِيُّ وَالْمَرْأَةُ وَيُجْزِئُ عَنْهُ إِذَا مَرُّوا بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى قَذْفَةٍ بِحَجَرٍ
قَالَ أَبُو دَاوُد فِي نَفْسِي مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ شَيْءٌ كُنْتُ أُذَاكِرُ بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَغَيْرَهُ فَلَمْ أَرَ أَحَدًا جَاءَ بِهِ عَنْ هِشَامٍ وَلَا يَعْرِفُهُ وَلَمْ أَرَ أَحَدًا يُحَدِّثُ بِهِ عَنْ هِشَامٍ وَأَحْسَبُ الْوَهْمَ مِنْ ابْنِ أَبِي سَمِينَةَ
يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَعِيلَ الْبَصْرِيَّ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ وَالْمُنْكَرُ فِيهِ ذِكْرُ الْمَجُوسِيِّ وَفِيهِ عَلَى قَذْفَةٍ بِحَجَرٍ وَذِكْرُ الْخِنْزِيرِ وَفِيهِ نَكَارَةٌ قَالَ أَبُو دَاوُد وَلَمْ أَسْمَعْ هَذَا الْحَدِيثَ إِلَّا مِنْ
مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَعِيلَ بْنِ أَبِي سَمِينَةَ وَأَحْسَبُهُ وَهِمَ لِأَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُنَا مِنْ حِفْظِهِ.
وقال الشارح في عون المعبود : ( ويجزئ عنه ) : بالهمزة من الإجزاء أي ويكفي عن عدم سترته ( على قذفه بحجر ) : أي رميه بحجر بأن يبعدوا عنه ثلاثة أذرع فأكثر
قاله ابن حجر وروى الطحاوي ويكفيك إذا كانوا منك قدر رمية ولم يقطعوا عنك صلاتك . أي يكفيك عن السترة إذا كانوا بعيدين عنك قدر رمية بحجر ولم يقطعوا حينئذ صلاتك .
كذا في المرقاة ( كنت ذاكرته إبراهيم غيره ) : أي كنت أسأل إبراهيم وغيره هل روى أحد غير معاذ هذا الحديث عن هشام
( فلم أر أحدا أجابه عن هشام ولا يعرفه ) : أي فلم يجب أحد عما سألت ولم يعرف الحديث عن هشام ( ولم أر أحدا يحدث به عن هشام ) : أي غير معاذ
( وأحسب الوهم من ابن أبي سمينة ) : هو محمد بن إسماعيل البصري ( والمنكر فيه ذكر المجوسي وفيه على قذفه بحجر وذكر الخنزير وفيه نكارة ) : حاصله أن ذكر المجوسي
في هذا الحديث وكذا ذكر على قذفه بحجر وكذا ذكر الخنزير منكر .