القول لأول : تارك الصلاة تكاسلاً كافر خارج من ملة الإسلام
فتارك الصلاة تكاسلا كافر كفراً مخرجاً من الملة، ويقتل إذا لم يتب
ويصل وهو ما ورد عن عمر بن الخطاب ومعاذ بن جبل وعبد الرحمن بن عوف
وأبى هريرة فيما نقله ابن حزم عنهم – وورد ذلك عن سعيد بن جبير والشعبي والنخعى والأوزاعى وابن المبارك وإسحاق بن راهويه
وبه قال الإمام أحمد بن حنبل: وهو قول عند الشافعية .واستدلوا على مذهبهم بما يلي
أولا : من القرآن الكريم
بقوله تعالى :( مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ المُصَلِّينَ (43) المدثر )
فترك الصلاة سبب دخولهم النار ،
وبقوله تعالى: (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ واتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَياً (59) إلاَّ مَن تَابَ وآمَنَ وعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ ولا يُظْلَمُونَ شَيْئاً (60) مريم ).
فهذا دليل على أنهم حينما أضاعوا الصلاة لم يكونوا من المؤمنين ، كما استدلوا بقوله تعالى
{ فَإن تَابُوا وأَقَامُوا الصَّلاةَ وآتَوُا الزَّكَاةَ فَإخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ ونُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (11) التوبة}
فالمولى قد اشترط لثبوت الأخوة بين المؤمنين والمشركين التوبة من الشرك وإقامة الصلاة
فإذا انتفت أحد هذه الشروط انتفت الأخوة وهى لاتنتفى إلا بالخروج من الملة
ثانياً : من السنة المطهرة
فاستدلوا بحديث جابر
عن جَابِر بْنَ عَبْدِ اللَّهِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ
بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ [1]"
وبحديث بريدة بن الحصيب
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ الصَّلَاةُ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ "[2]
وحديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا
فَذَلِكَ الْمُسْلِمُ الَّذِي لَهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ فَلَا تُخْفِرُوا اللَّهَ فِي ذِمَّتِهِ [3]
وبحديث عبادة بن الصامت
في ذكر بيعتهم للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي خرجه البخاري عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ ( الدوسي من كبار الأتباع ت80هـ )
قَالَ دَخَلْنَا عَلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَهُوَ مَرِيضٌ قُلْنَا أَصْلَحَكَ اللَّهُ حَدِّثْ بِحَدِيثٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهِ
سَمِعْتَهُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ دَعَانَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَايَعْنَاهُ
فَقَالَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا وَأَثَرَةً عَلَيْنَا
وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنْ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَان ." [4]
فمعنى الحديث كما ذكره النووي :
لا تنازعوا ولاة الأمور في ولايتهم . ولا تعترضوا عليهم إلا أن تروا منهم منكرا محققا تعلمونه من قواعد الإسلام
فإذا رأيتم ذلك فأنكروه عليهم . وقولوا بالحق حيث ما كنتم . وأما الخروج عليهم وقتالهم فحرام بإجماع المسلمين وإن كانوا فسقة ظالمين
وقد أجمع أهل السنة أنه لا ينعزل السلطان بالفسق . وما حكي عن المعتزلة من خروج عليه بالسيف . فخطأ شنيع. ومخالفة للإجماع
وسبب عدم انعزاله وتحريم الخروج عليه ما يترتب على ذلك من الفتن . وإراقة الدماء . وفساد ذات البين . فتكون المفسدة في عزله أكثر منها في بقائه
قال القاضي عياض : أجمع العلماء على أن الإمامة لا تنعقد لكافر . وعلى أنه لو طرأ عليه الكفر انعزل
قال : وكذا لو ترك إقامة الصلوات والدعاء إليها . سقطت طاعته . ووجب على المسلمين القيام عليه . وخلعه ونصب إمام عادل إن أمكنهم ذلك . فإن لم يقع ذلك إلا لطائفة وجب عليهم القيام بخلع الكافر . فإن تحققوا العجز لم يجب القيام . وليهاجر المسلم عن أرضه إلى غيرها . ويفر بدينه
وقال النووي في شرحه لهذا الحديث : وجماهير أهل السنة من الفقهاء والمحدثين والمتكلمين علة أنه لا ينعزل بالفسق والظلم وتعطيل الحقوق
ولا يخلع ولا يجوز الخروج عليه بذلك . بل يجب وعظه وتخويفه . للأحاديث الواردة في ذلك ،
قال القاضي : وقد ادعى أبو بكر بن مجاهد في هذا الإجماع . وقد رد عليه بعضهم هذا بقيام الحسن وابن الزبير وأهل المدينة على بني أمية
وبقيام جماعة عظمية من التابعين والصدر الأول على الحجاج مع ابن الأشعث
وتأول هذا القائل قوله : ألا ننازع الأمر أهله في أئمة العدل
وحجة الجمهور أن قيامهم على الحجاج ليس بمجرد الفسق . بل لما غير من الشرع وظاهر من الكفر
قال القاضي : وقيل : إن هذا الخلاف كان أولا ثم حصل الإجماع على منع الخروج عليهم . والله أعلم ...". ا.هـ
وقد فسر هؤلاء القائلين بتكفير تارك الصلاة قول النبي صلى الله عليه وسلم
إلا أن تروا كفراً بواحاً بترك الصلاة لحديث أم سلمه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال
" سَتَكُونُ أُمَرَاءُ فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ فَمَنْ عَرَفَ بَرِئَ وَمَنْ أَنْكَرَ سَلِمَ وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ قَالُوا أَفَلَا نُقَاتِلُهُمْ قَالَ لَا مَا صَلَّوْا
" إنه يستعمل عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون فمن كره فقد برئ ومن أنكر فقد سلم ولكن من رضى وتابع ، فقالوا أفلا نقاتلهم ؟ قال : لا ما صلوا ) [5]
ثالثاً : الآثار الواردة عن الصحابة
فقد ورد عن الصحابة والتابعين تكفير تارك الصلاة
فقد ورد عن عمر لما طعنه أبو لؤلؤة المجوسى أنه لما أفاق قال : أصلى الناس الصبح ؟ قالوا نعم
قال الحمد لله .. لاحظ في الإسلام لمن ترك الصلاة
وترجم البخاري بما ورد عن عبد الله بن شقيق أنه قال
( كان أصحاب النبي لايرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة
[1] ( صحيح مسلم – ك الإيمان – باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة )
[2] ( الترمذي – ك الإيمان – باب ما جاء في ترك الصلاة )
[3] ( البخاري – ك الصلاة – باب فضل استقبال القبلة )
[4] ( صحيح البخاري – ك الفتن – باب قول النبي سترون بعدي أموراً تنكرونها )
و( صحيح مسلم – ك الإمارة – باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية)
[5]( صحيح مسلم – ك الإمارة – باب وجوب الإنكار على الأمراء فيما يخالف الشرع)