4- المرحلة الرابعة : فرض الصلوات الخمس بمكة ركعتين ركعتين ليلة الإسراء والمعراج :-
من المعلوم أن الصلوات الخمس قد فرضت ليلة عرج بالنبي صلى الله عليه وسلم في السماء وليلة المعراج
على الراجح هي نفسها ليلة الإسراء وأنها كانت في الحقيقة وليست في المنام وأنها كانت بجسد النبي - صلى الله عليه وسلم-
وأنها كانت في السنة الثانية عشر من بعثة النبي صلى الله عليه وسلم على الراجح –
كما ذهب إلى ذلك البيهقي في دلائل النبوة 2/ 354 والذهبي في تاريخ الإسلام 1/ 141
(وقيل في السنة العاشرة من بعثة النبي صلى الله عليه وسلم كما ذهب إلى ذلك ابن اسحق في سيرته –
سيرة ابن هشام 1/ 396 وابن كثير في البداية والنهاية3
107)
.. وذلك لحديث أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "
ثُمَّ فُرِضَتْ عَلَيَّ خَمْسُونَ صَلَاةً فَأَقْبَلْتُ حَتَّى جِئْتُ مُوسَى فَقَالَ مَا صَنَعْتَ قُلْتُ فُرِضَتْ عَلَيَّ خَمْسُونَ صَلَاةً
قَالَ أَنَا أَعْلَمُ بِالنَّاسِ مِنْكَ عَالَجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ وَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَسَلْهُ
فَرَجَعْتُ فَسَأَلْتُهُ فَجَعَلَهَا أَرْبَعِينَ ثُمَّ مِثْلَهُ ثُمَّ ثَلَاثِينَ ثُمَّ مِثْلَهُ فَجَعَلَ عِشْرِينَ ثُمَّ مِثْلَهُ فَجَعَلَ عَشْرًا
فَأَتَيْتُ مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ فَجَعَلَهَا خَمْسًا فَأَتَيْتُ مُوسَى فَقَالَ مَا صَنَعْتَ قُلْتُ جَعَلَهَا خَمْسًا فَقَالَ مِثْلَهُ
قُلْتُ سَلَّمْتُ بِخَيْرٍ فَنُودِيَ إِنِّي قَدْ أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِي وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِي وَأَجْزِي الْحَسَنَةَ عَشْرًا .." [1]
ولما خرجه البخاري عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ
فَرَضَ اللَّهُ الصَّلَاةَ حِينَ فَرَضَهَا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ وَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ..". [2]
وعلى ذلك فقد كانت الصلاة بعد فرضها في الاسراء والمعراج ركعتين
ثم هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ففرضت أربعا
وقد اعترض البعض ( الامام الخطابي ) على هذا الحديث بأنه من قول عائشة
وأنه غير مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم
وبأنها لم تشهد زمان فرض الصلاة ويرد على هذا بأن قولها هذا في أمر لا مجال للرأي فيه فله حكم الرفع
وأما عن القول بأنها لم تشهد زمان فرض الصلاة
فعلى تقدير تسليم أنها لم تدرك القصة فهذا يكون مرسل صحابي وهو حجة
لأنه يحتمل أن تكون أخذته عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن صحابي آخر أدرك ذلك
وقد اعترض البعض بأن حديث عائشة هذا وقعت مخالفة فيه بين ما ترويه وما تفعله
( ذلك أنها تروي القصر في السفر والاتمام في الحضر حال أنها أتمت في السفر )
وقد ألزم هؤلاء الفقهاء الأحناف – الذين يرون وجوب القصر في السفر وأن الاتمام لا يجزئه
على قاعدتهم فيما إذا عارض رأي الصحابي روايته بأنهم يقولون : العبرة بما رأى لا بما روى وخالفوا ذلك هنا
فقد ثبت عن عائشة أنها كانت تتم في السفر فدل ذلك على أن المروي عنها غير ثابت
والجواب عنهم أن عروة الراوي عنها قد قال لما سأل عن إتمامها في السفر إنها تأولت كما تأول عثمان
فعلى هذا لا تعارض بين روايتها وبين رأيها
فروايتها صحيحة ورأيها مبني على ما تأولت
( وما تأوله عثمان اختلف الفقهاء بشأنه
والراجح أنه بنزوله مكة صار مقيما وليس مسافرا فكأن المسافر عنده هو السائر
والله تعالى أعلى وأعلم
[1] ( صحيح البخاري – ك بدء الخلق – باب ذكر الملائكة وك المناقب – باب المعراج )
و (مسلم – ك الإيمان – باب الإسراء برسول الله إلى السموات وفرض الصلوات )
[2] ( البخاري - كتاب الصلاة- ح باب كيف فرضت الصلاة في الإسراء – ح )