وجوب الغسل لانقطاع دم النفاس
النفاس في اللغة : يطلق على الحيض وعلى الولادة ، فيقال النفساء للحائض
ويقال نَفِسَت المرأَة تَنْفَسُ بالفتح إِذا حاضت ،
وفي حديث أُم سلمة كنت مع النبي صلى اللَّه عليه وسلم في الفراش فَحِضْتُ فخَرَجْتُ وشددت عليَّ ثيابي ثم رجعت فقال أَنَفِسْتِ ؟ أَراد أَحضتِ
والمرأة إذا ولدت يقال لها نفساء ولادة المرأة إذا وضعت ، وتنفس الرحم بالولد فيقال لها نفساء
وفي صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها
قالت نفست أسماء بنت عميس بمحمد بن أبي بكر بالشجرة
فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر يأمرها أن تغتسل وتهل
أ - أقل مدة النفاس
ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه لا حد لأدنى النفاس
ففي أي وقت رأت الطهر اغتسلت وصلت
وقد ذهب النووي في ( منهاج الطالبين ) مسايراً بعض الفقهاء إلى أن أقله لحظة
وذهب أبو حنيفة إلى أن أقل النفاس خمسة عشر يوما
وقال أبو يوسف : يعتبر الأقل بأحد عشر يوما
وقال محمد : تصدق فيما ادعت وإن كان ساعة
بينما ذهب المزني - من الشافعية إلى أن أقل مدة النفاس أربعة أيام
وقد روي عن أحمد أن أقله يوم
و لا شك أن القول بأن أقل مدة النفاس لحظة أو يوم فهذا مخالف للمعارف الطبية ولا يحدث
فضلا عن أن هذه الأقوال لم تستند إلى دليل شرعي صحيح ،
بل هي أقوال فرضية مبناها على السماع بأن امرأة كان نفاسها كذا فيبنى الحكم على ذلك القول دون دليل عليه
ولكن ما يمكن قوله هو أنه عند انقطاع دم النفاس ورؤية المرأة لأمارات الطهر وجب عليها أن تغتسل وأن تصلي
ب - أقصى مدة النفاس : للفقهاء رأيان
الأول : ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والحنابلة – وبعض المالكية - إلى أن أقصى مدة النفاس أربعون يوما
وقال أبو عيسى الترمذي : أجمع أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -
ومن بعدهم على أن النفساء تدع الصلاة أربعين يوما ، إلا أن ترى الطهر قبل ذلك فتغتسل وتصلي
وقال أبو عبيد : وعلى هذا جماعة الناس . فإن زاد دم النفاس على أربعين يوما فصادف عادة الحيض فهو حيض
وإن لم يصادف عادة فهو استحاضة
الرأي الثاني : ذهب الشافعية والمالكية في المشهور عندهم ، : إلى أن أقصى مدة النفاس ستون يوما
فيؤكد النووي أن غالب مدة النفاس عند النساء أربعون يوماً ولكن قد تطول مدته لتصل إلى الستين
فيقول : "... وَأَقَلُّ النِّفَاسِ لَحْظَةٌ , وَأَكْثَرُهُ سِتُّونَ , وَغَالِبُهُ أَرْبَعُونَ
فالأربعون هو غالب مدة النفاس عند الشافعية ومشهور مذهب المالكية ،وهو أقصى مدة للنفاس عند الجمهور
وقد استدل جمهور الفقهاء بما أخرجه الترمذي وأبو داود عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ( رضي الله عنها أنها قالت )
قَالَتْ كَانَتْ النُّفَسَاءُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقْعُدُ بَعْدَ نِفَاسِهَا أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَوْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً
وَكُنَّا نَطْلِي عَلَى وُجُوهِنَا الْوَرْسَ تَعْنِي مِنْ الْكَلَفِ " .
ولهذا الحديث شاهد أخرجه ابن ماجه في سننه عن حميد عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقت للنفساء أربعين يوما . إلا أن ترى الطهر قبل ذلك
ورواه عبد الرزاق من وجه آخر عن أنس مرفوعا وروى الحاكم من حديث عثمان عن الحسن بن أبي العاص قال
وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء في نفاسهن أربعين يوما
وقد ذكر الترمذي أن توقيت مدة النفاس بأربعين يوماً هو قول أكثر الفقهاء
وبه يقول سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق وهو قول الحنفية .
قال الشوكاني في نيل الأوطار : والأدلة الدالة على أن أكثر النفاس أربعون يوما متعاضدة بالغة إلى حد الصلاحية والاعتبار
فالمصير إليها متعين فالواجب على النفساء وقوف أربعين يوما إلا أن ترى الطهر قبل ذلك
ويروى عن الحسن البصري أنه قال إنها تدع الصلاة خمسين يوما إذا لم تطهر
ويروى عن عطاء بن أبي رباح والشعبي ستين يوما وهو قول الشافعي
وهذه الأقوال لا يوجد عليها دليل من السنة
ومن ثم فالقول الراجح المعول عليه هو ما قال به جمهور الفقهاء والله تعالى أعلم