وذهب الأحناف والمزني من الشافعية إلى صحة صومه، لأنه نوى الصوم، أما فقدان الوعي فهو كالنوم لا يضر[1].
والأقرب قول الجمهور، لوجود الفرق الواضح بين الإغماء والنوم، فإن النائم متى نبه انتبه، بخلاف المغمى عليه.
بناءً على القول بأن المغمى عليه كل النهار لا يصح صومه فمن خُدر جميع النهار بحيث لم يفق أي جزء منه فصيامه ليس بصحيح، وعليه القضاء.
القسم الثاني : ألا يستغرق فقدان الوعي كل النهار:
فذهب أبو حنيفة إلى أنه إذا أفاق قبل الزوال فلابد من تجديد النية[2]
وذهب مالك إلى عدم صحة صومه[3].
وذهب الشافعي وأحمد إلى أنه إذا أفاق في أي جزء من النهار صح صومه[4].
ولعل الأقرب ما ذهب إليه الشافعي وأحمد من أنه إذا أفاق في أي جزء من النهار يصح صومه، لأنه لا دليل على بطلانه، فقد حصلت نية الإمساك في جزء النهار.
وكما قال ابن تيمية لا يشترط وجود الإمساك في جميع النهار، بل اكتفينا بوجوده في بعضه؛ لأنه داخل في عموم قوله:" يدع طعامه وشهوته من أجلي"[5]
بناءً على ما سبق فالتخدير الذي لا يستغرق كل النهار ليس من المفطرات التي تفسد الصوم لعدم وجود ما يقتضي التفطير.أما التخدير الذي يستغرق كل النهار فهو مفطر، والله أعلم.
مع ملاحظة أن المريض له رخصة في الفطر والقضاء ولا تثريب عليه ، والحمد لله القائل : "لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا " والقائل : " وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ "
([1]) انظر في هذه المسألة المجموع 6/345، والمغني 3/ 343 ، شرح الزرقاني على خليل 1/ 203 .
([2]) الفتاوى الهندية 1/197 .
([3]) شرح الزرقاني على خليل 1/ 203 .
([4]) المغني 3/ 343 .
([5]) شرح العمدة . الصيام . 1/ 47 .