حكم استتار المصلي بالخط إذا لَمْ يجد سترة
السترة في الصَّلاَة مشروعه لمنع المارين بين يديه ، قَالَ ابن عَبْد البر : (( السترة في الصَّلاَة سنة مسنونة معمول بِهَا ))[1] ، وَقَدْ وردت أحاديث صَحِيْحَة بِهَا[2].
اختلف أهل العِلْم فيمن لَيْسَ لديه شيء يجعله سترة لَهُ ، هَلْ يشرع لَهُ أن يخط خطاً أم لا .
جواز الاستتار بالخط :
وإلى القول بجواز الاستتار بالخط ذهب الأوزاعي[3]، وسعيد بن جبير[4]، وأحمد بن حنبل [5] ، والشَّافِعيّ في القديم[6]، وأبو ثور[7] ، وقالوا أن المصلي إذا لَمْ يجد مَا يستتر بِهِ يخط خطاً .
واستدلوا بحَدِيْث أبي هُرَيْرَة ، عن الرسول صلى الله عليه وسلم في المُصَلِّي لا يجد سترة أنه قال : " إذا لَمْ يجد عصاً ينصبها بَيْنَ يديه فليخط خطاً"
السابق ، قَالَ ابن عَبْد البر : (( هَذَا الحَدِيْث عِنْدَ أحمد بن حَنْبَل ، ومن قَالَ بقوله حَدِيث صَحِيْح ، وإليه ذهبوا ، ورأيت أن عَلِيّ بن المديني كَانَ يصحح هَذَا الحَدِيْث ويحتج بِهِ ))([8]) .
وذهب آخرون إلى عدم مشروعية الخط في الصَّلاَة :
مِنْهُمُ : الليث بن سعد [9] والإمام مَالِك ، وَقَالَ : (( الخط باطل )) [10] . والإمام أبو حَنِيْفَة وأصحابه [11]، والإمام الشَّافِعيّ بمصر ،
وَقَدْ قَالَ : (( لا يخط بين يديه خطاً إلا أن يَكُون في ذَلِكَ حَدِيث ثابت فيتبع )) [12] .
فتاوى اللجنة الدائمة السؤال الثاني من الفتوى رقم ( 2687 )
س2: يقولون: إذا لم يجد المصلي سترة لا يجزئه الخط بالعصا في الأرض فما الحكم؟
ج2: اختلف العلماء في مشروعية خط المصلي خطًّا أمامه يكون سترة له في صلاته وفي الاجتزاء بذلك إذا لم يجد عصا، فقال به سعيد بن جبيروالأوزاعي وأحمد، وأنكره مالك والليث وأبو حنيفة ، وقال الشافعي بالخط وهو بالعراق ،
وقال وهو بمصر : لا يخط خطًّا إلا أن يكون فيه سنة تتبع. ومنشأ الاختلاف في ذلك اختلافهم في صحة الحديث الوارد فيه،
وهو ما رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئًا فإن لم يجد فلينصب عصا، فإن لم يكن معه عصا فليخط خطًّا ولا يضره ما مر بين يديه فصححه أحمد وابن المديني وابن حبان والبيهقي ،
قال الحافظ في (البلوغ): ولم يصب من زعم أنه مضطرب بل هو حسن، وضعفه سفيان بن عيينة والشافعي والبغوي وغيرهم، فلم يجتزئوا بالخط في السترة للصلاة، والقول الأول أولى وأصح؛ للحديث المذكور.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
فتاوي الصلاة د أيمن خليل
([1]) التمهيد 4/193.
([2]) ساقها ابن عَبْد البـر في التمهيد 4/193-198 وتكلم عن أحكامها ، ومقدار الدنو مِنْها ، وحكم استقبالها ، والصمد إليها ، وعن صفتها و ارتفاعها وغلظها . وساق ابن الأثير في جامع الأصول 5/519 (3739-3748) عَشْرَة أحاديث فِيْهَا .
([3]) التمهيد 4/198 .
([4]) التمهيد 4/198 .
([5]) التمهيد 4/199 ، والمغني 2/70 ، وشرح الزَّرْكَشِيّ 1/422 .
([6]) المجموع 3/245-246 ، ونهاية المحتاج 2/52-53 .
([7]) التمهيد 4/198 .
([8]) التمهيد 4/199 .
([9]) التمهيد 4/198 ، و المغني 2/70 .
([10]) المدونة 1/113 ، وانظر: أسهل المدارك 1/228 .
([11]) الحجة عَلَى أهل المدينة 1/88 ، و المبسوط 1/192 ، وشرح فتح القدير 1/289 .
([12]) المجموع 3/246 .