اختلاف الفقهاء بشأن حكم صلاة الغائب
اختلف الفقهاء في مشروعية صلاة الغائب ويمكن أن نجمل هذه الاختلافات في ثلاثة آراء .
القول الأول: وهو مذهب الشافعية والراجح عند الحنابلة :
ذهب الشافعية والحنابلة في القول المعتمد عندهم إلى أن صلاة الغائب مشروعة وجائزة في حق المسلم الذي يموت في بلد آخر فتستقبل القبلة ويصلى عليه كما يصلى على الميت الحاضر (الأم 1/ 308 - المجموع 5/ 252). وهذا قول ابن حزم الظاهري (المحلى 3/ 399، نيل الأوطار 4/ 56).
وبه قال ابن حبيب من المالكية (الذخيرة 2/ 458.).
القول الثاني: مذهب الحنفية والمالكية:
ذهب الحنفية والمالكية إلى أن صلاة الغائب غير مشروعة (بدائع الصنائع 1/ 312حاشية ابن عابدين 2/ 209، ملتقى الأبحر 1/ 161 - الذخيرة 2/ 456،468). وهو رواية عن أحمد (المغني 2/ 382).
واختلف المالكية هل هي مكروهة أورمة محعلى قولين في مذهبهم (شرح الخرشي 2/ 142).
القول الثالث رواية عند الحنابلة واختيار ابن تيمية :
وذهب إلى أن صلاة الغائب مشروعة في حق المسلم إذا مات في بلد لم يصل عليه فيه وإن صلي عليه حيث مات فلا يصلى عليه صلاة الغائب. وهو قول في مذهب أحمد واختار هذا القول أبو داود صاحب السنن والإمام الخطابي وشيخ الإسلام إبن تيمية وتلميذه إبن القيم والروياني من الشافعية ومن المحدثين الشيخ الألباني والشيخ ابن عثيمين (عون المعبود 9/ 5، معالم السنن 1/ 270، زاد المعاد 1/ 520 الاختيارات العلمية ص51، نيل الاوطار 4/ 57، احكام الجنائز ص89، 91. فتاوى اسلامية 2/ 18.).
أدلة الفريق الأول ( الشافعية و الحنابلة )
استدل أصحاب الفريق الأول بما يلي:
فعل النبي صلى الله عليه وسلم حيث صلى صلاة الغائب:
أ) فاستدلوا بفعل النبي صلى الله عليه وسلم حيث صلى صلاة الغائب على النجاشي ملك الحبشة كما صلاها أكثر من مرة على عدد من الصحابة الذين ماتوا في أماكن بعيدة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام ولم يحضر موتهم ولا دفنهم ومن ثم فقد ذهبوا إلى ثبوت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على :
1 - النجاشي ملك الحبشة.
2 - معاوية بن معاوية الليثي أو المزني.
3 - زيد بن حارثة.
4 - جعفر بن أبي طالب رضي الله عنهم.
ونعرض لذلك لمناقشة وبيان صحته من عدمه فيما يلي :
- أولاً: صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - على النجاشي.
وردت روايات كثيرة في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي عن جماعة من الصحابة وهم جابر بن عبد الله وأبو هريرة وعمران بن حصين وهي:
1 - روى الإمام البخاري بسنده عن عطاء عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن : "رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على النجاشي فكنت في الصف الثاني أو الثالث"
2 - وروى الإمام البخاري بسنده عن عطاء أنه سمع جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قد توفي اليوم رجل صالح من الحبش فهلم فصلوا عليه قال فصففنا فصلى النبي صلى الله عليه وسلم عليه ونحن صفوف".
3 - وروى الإمام البخاري بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "نعى النبي صلى الله عليه وسلم النجاشي ثم تقدم فصفوا خلفه فكبر أربعاً".
4 - وفي رواية أخرى عند البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "نعى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم النجاشي صاحب الحبشة اليوم الذي مات فيه فقال استغفروا لأخيكم".
5 - وفي رواية أخرى عند البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "إن النبي صلى الله عليه وسلم صف بهم بالمصلى فكبر عليه أربعاً".
6 - وروى الإمام مسلم بسنده عن أبي الزبير عن جابر ابن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن أخا لكم قد مات فقوموا فصلوا عليه. قال فقمنا فصفنا صفين"
7 - وروى الإمام مسلم بسنده عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن أنهما حدثاه عن أبي هريرة أنه قال: "نعى لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النجاشي صاحب الحبشة في اليوم الذي مات فيه فقال: استغفروا لأخيكم"
8 - وفي رواية أخرى عند مسلم عن سعيد بن المسيب أن أبا هريرة رضي الله عنه حدثه أن الرسول عليه الصلاة والسلام صف بهم بالمصلى فصلى فكبر عليه أربع تكبيرات.
9 - وروى الإمام مسلم بسنده عن سعيد بن ميناء عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على أصحمة النجاشي فكبر عليه أربعاً .
10 - وروى الامام مسلم بسنده عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إن اخا لكم قد مات فقوموا فصلوا عليه". يعني النجاشي، وفي رواية زهير ... "إن أخاكم".
تابع >>