س : التسليم في صلاة الجنازة هل تسليمة واحدة أم تسليمتان؟
التسليم في الصلاة:
والتسليم : وهو واجب؛ لكون النبي صلى الله عليه وسلم جعله تحليل الصلاة، فلا تحليل لها إلا به
قال ابن القيم: " إن السنة الصحيحة الصريحة المحكمة عن النبي صلى الله عليه وسلم التي رواها خمس عشرة نفسا من الصحابة- منهم عبد الله بن مسعود، وسعد بن أبي وقاص، وجابر بن سمرة، وأبو موسى الأشعري، وعمار بن ياسر، وعبد الله بن عمر، والبراء بن عازب، ووائل بن حجر، وأبو مالك الأشعري، وعدي بن عميرة الحضرمي، وطلق بن علي، وأوس بن أوس، وأبو رمثة،- : أنه كان يسلم في الصلاة عن يمينه وعن يساره: " السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله "؛ والأحاديث بذلك ما بين صحيح وحسن .
فرد ذلك بخمسة أحاديث مختلف في صحتها، واردة في تسليمة واحدة ".
وعامة أهل العلم على أنه يسلم تسليمتين عن يمينه وعن شماله، واحتجوا بحديث عبد الله بن مسعود، عن النبي [صلى الله عليه وسلم] ؛ رواه أبو داود، والترمذي، ولفظه: أن النبي [صلى الله عليه وسلم] كان يسلم عن يمينه: " السلام عليكم ورحمة الله، حتى يرى بياض خده الأيمن، السلام عليكم ورحمة الله، حتى يرى بياض خده الأيسر "، رواه النسائي، وأحمد، وابن حبان، والدارقطني، وغيرهم.
وفي الباب عن سهل بن سعد، وحذيفة، ومغيرة بن شعبة، وواثلة بن الأسقع، ويعقوب بن الحصين ، ووقع في " صحيح ابن حبان " من حديث ابن مسعود زيادة: " وبركاته "، وهي عند ابن ماجة أيضا، وعند أبي داود أيضا في حديث وائل بن حجر.
فالعجب من ابن الصلاح؛ كيف يقول: إن هذه الزيادة ليست في شيء من كتب الحديث؛ إلا في رواية وائل بن حجر؟ {كذا في " التلخيص ".
وقال مالك:
يسلم الإمام والمنفرد تسليمة واحدة: السلام عليكم؛ لا يزيد على ذلك، ويستحب للمأموم أن يسلم ثلاثا: عن يمينه، وعن شماله، وتلقاء وجهه؛ يردها على إمامه. كذا في " المسوى ".
أقول: وورود التسلمية الواحدة فقط لا يعارض الثابت مما فيه زيادة عليها، وهي أحاديث التسليمتين؛ لما عرفناك غير مرة أن الزيادة التي لم تكن منافية يجب قبولها، فالقول بتسليمتين إعمال لجميع ما ورد، بخلاف القول بتسليمة فإنه إهدار لأكثر الأدلة بدون مقتض.
وأما كون التسليم واجبا أو غير واجب فقد تقرر أن المرجع حديث المسيء، وأنه لا وجوب لغير ما لم يذكر فيه؛ إلا أن يثبت إيجابه بعد تاريخ حديث المسيء إيجابا، لا يمكن صرفه بوجه من الوجوه
- لا نسلم هذا؛ فإن حديث المسيء اختلفت رواياته كثيرا، وهو حديث صحيح، وبعض الرواة يزيد فيه ما تركه غيره، وقد يصح دليل على بعض الواجبات في الصلاة، وهي زيادة من ثقة، فتكون مقبولة، ولعلنا لم نطلع على جميع ألفاظ حديث المسيء أو لعل بعض الرواة نسي منه شيئا! فلا يجوز رد ما يصح دليله بهذا الحصر. (ش)
بداية المجتهد ونهاية المقتصد (1 / 139):
المسألة الثامنة اختلفوا في التسليم من الصلاة، فقال الجمهور بوجوبه، وقال أبو حنيفة: ليس بواجب، والذين أوجبوه، منهم من قال: الواجب على المنفرد والإمام تسليمة واحدة، ومنهم من قال اثنتان، فذهب الجمهور مذهب ظاهر حديث علي، وهو قوله - عليه الصلاة والسلام - فيه «تحليلها التسليم» ومن ذهب إلى أن الواجب من ذلك تسليمتان، فلما ثبت من «أنه - عليه الصلاة والسلام - كان يسلم تسليمتين» وذلك عند من حمل فعله على الوجوب.
واختار مالك للمأموم تسليمتين وللإمام واحدة، وقد قيل عنه إن المأموم يسلم ثلاثا: الواحدة للتحليل، والثانية للإمام، والثالثة لمن هو عن يساره.
فتاوي الصوم د أيمن خليل