فتاوي الصوم
د/ أيمن خليل
حكم صوم الشيخ المسن والمريض مرض لا يرجي شفائه
يجب الصوم على المستطيع: فيخرج به غير المستطيع كالمريض والحامل و المرضع و الشيخ الكبير ،
ودليل ذلك قوله تعالى : "شَهْرُ رَمَضَانَ الَذِي أُنزِلَ فِيهِ القُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وبَيِّنَاتٍ مِّنَ الهُدَى والْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَفَلْيَصُمْهُ ومَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ"
وقوله تعالي: "لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إلاَّ وسْعَهَا"
يجب الصوم على المستطيع: فيخرج به غير المستطيع كالمريض ويلحق بالمريض الحامل والمرضع و الشيخ الكبير ،
ونعرض لذلك فيما يلي :
صوم الشيخ الزمن أو الذي يلحقه بالصوم مشقة شديدة و المريض الذي لا يرجى برؤه:
الرجل الكبير الذي تقدمت به السن فعجز عن الصوم والمريض الذي لا يُرجى شفائه مثل مريض الكبد الفشل الكلوي ، الفشل القلبي ، والمريض بالفالج
( الشلل النصفي ) .
اختلف الفقهاء بشأنه على النحو التالي:-
و هو مذهب جمهور الفقهاء : أبي حنيفة و الشافعي وأحمد و الثوري و الأوزاعي وهو قول علي وابن عباس وأبي هريرة وأنس وسعيد بن جبير وطاوس.
والفدية: إطعام مسكين لكل يوم و يجزئه مد صلى الله عليه وسلم ربع صاع من طعام صلى الله عليه وسلم (قمح-أرز و نحوهما)
واستدلوا بما يلي:
بما خرجه أبو داود في سننه عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ "وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ"كَانَ مَنْ أَرَادَ مِنَّا أَنْ يُفْطِرَ وَيَفْتَدِيَ فَعَلَ حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الَّتِي بَعْدَهَا فَنَسَخَتْهَا
( سنن أبي داود-ك الصوم-باب نسخ قوله تعالى وعلى الذين يطيقونه فدية-ح )
وعن ابْن عَبَّاسٍ يَقْرَأُ وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ فَلَا يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ هُوَ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْمَرْأَةُ الْكَبِيرَةُ لَا يَسْتَطِيعَانِ أَنْ يَصُومَا فَيُطْعِمَانِ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا
(البخاري - كتاب تفسير القرآن - باب قوله أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر - ح)
وخرجه النسائي عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ يُطِيقُونَهُ يُكَلَّفُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ وَاحِدٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا طَعَامُ مِسْكِينٍ آخَرَ لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ لَا يُرَخَّصُ فِي هَذَا إِلَّا لِلَّذِي لَا يُطِيقُ الصِّيَامَ أَوْ مَرِيضٍ لَا يُشْفَى
( سنن النسائي-ك الصوم-باب تأويل قول الله عز وجل وعلى الذين يطيقونه-ح )
وأن الصوم قد لزمه لشهود الشهر حتى لو تحمل المشقة و صام كان مؤديا للفرضو إنما يباح له الفطر لأجل الحرج, و عذره ليس بعرض الزوال حتى يصار إلى القضاء؛ فوجبت الفدية و الأصل فيه قوله تعالى: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ
و ترجم البخاري في صحيحه ( بَاب قَوْلِهِ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا ... وَأَمَّا الشَّيْخُ الْكَبِيرُ إِذَا لَمْ يُطِقْ الصِّيَامَ فَقَدْ أَطْعَمَ أَنَسٌ بَعْدَ مَا كَبِرَ عَامًا أَوْ عَامَيْنِ كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا خُبْزًا وَلَحْمًا وَأَفْطَرَ قِرَاءَةُ الْعَامَّةِ يُطِيقُونَهُ وَهْوَ أَكْثَرُ)
(البخاري - كتاب تفسير القرآن - باب قوله أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر - ح)
وخرج البيهقي عن أبي هريرة انه قال : من أدركه الكبر فلم يستطع صيام رمضان فعليه لكل يوم مد من قمح
يُفطر ولا فدية عليه ، وليس عليه إطعام .
وذلك مذهب الإمام مالك وبه قال مكحول وربيعة الرأي شيخ الإمام مالك وأبو ثور وهو ما اختاره بن المنذر وهو مذهب ابن حزم الظاهري : قالوا وإن عجز عن الصوم فلا يُكلف بغيره لقول الله عز وجل :" لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا " ،
وقوله سبحانه : " وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ " ، واستحب الباجي المالكي الإطعام و لم يوجبه
و به قال سحنون ، قال مالك: لا يجب عليه شئ لأنه ترك الصوم لعجزه فلم تجب فدية كالمسافر و المريض.
والراجح هو مذهب الجمهور :
لحديث سلمة بن الأكوع في صحيح البخاري ولما ورد في حديث عبادة بن الصامت في صحيح البخاري ،عن الفدية أنها كانت رخصة في صدر الإسلام فلما نزل قوله سبحانه : " فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ "
أصبح الصوم فرض عين على كل مكلف ونُسخت هذه الآية ، ولكن بقيت كما يقول العلماء في حق الشيخ الزمن والمريض الذي لا يُرجى برئه .
هذا هو الأرجح ، والله تعالى أعلى وأعلم
فتاوي الصوم د أيمن خليل