المكي والمدني في القران الكريم
ضوابط المكي ومميزاته الموضوعية
استقرأ العلماء السور المكية والسور المدنية، واستنبطوا ضوابط قياسية لكل من المكي والمدني، تبين خصائص الأسلوب والموضوعات
التي يتناولها. وخرجوا من ذلك بقواعد ومميزات.
1- كل سورة فيها لفظ كلا فهي مكية وقد ذكر هذا اللفظ في القرآن ثلاثا وثلاثين مرة في خمس عشرة سورة كلها
في النصف الأخير من القرآن. قال الدريني رحمه الله:
وما نزلت كلا بيثرب فاعلمن ... ولم تأت في القرآن في نصفه الأعلى
قال العماني: وحكمة ذلك أن نصف القرآن الأخير نزل أكثره بمكة وأكثرها جبابرة فتكررت فيه على وجه التهديد والتعنيف لهم
والإنكار عليهم بخلاف النصف الأول. وما نزل منه في اليهود لم يحتج إلى إيرادها فيه لذلتهم وضعفهم اهـ.
2- كل سورة فيها سجدة فهي مكية لا مدنية.
3- كل سورة في أولها حروف التهجي فهي مكية سوى سورة البقرة وآل عمران فإنهما مدنيتان بالإجماع
وفي الرعد خلاف.
4- كل سورة فيها قصص الأنبياء والأمم السابقة فهي مكية سوى البقرة.
5- كل سورة فيها قصة آدم وإبليس فهي مكية سوى البقرة أيضا.
6- كل سورة فيها يا أيها الناس وليس فيها يا أيها الذين آمنوا فهي مكية ولكنه ورد على هذا ما تقدم بين يديك من سورة الحج.
7- كل سورة من المفصل فهي مكية. أخرج الطبراني عن ابن مسعود قال:
نزل المفصل بمكة فمكثنا حججا نقرؤه ولا ينزل غيره لكن يرد على هذا أن بعض سور المفصل مدني نزل بعد الهجرة
اتفاقا كسورة النصر فإنها كانت من أواخر ما نزل بعد الهجرة بل قيل إنها آخر ما نزل كما سبق في مبحث أول ما نزل وآخر ما نزل.
فالأولى أن يحمل كلام ابن مسعود هذا على الكثرة الغالبة من سور المفصل لا على جميع سور المفصل والمفصل على وزان معظم:
هو السورة الأخيرة من القرآن الكريم مبتدأة من سورة الحجرات على الأصح وسميت بذلك لكثرة الفصل فيها بين السور بعضها وبعض
من أجل قصرها.
وقيل: سميت بذلك لقلة المنسوخ فيها فقولها قول فصل: لا نسخ فيه ولا نقض.
هذا من ناحية الضوابط، أما من ناحية المميزات الموضوعية وخصائص الأسلوب فيمكن إجمالها فيما يأتي:
1- الدعوة إلى التوحيد وعبادة الله وحده، وإثبات الرسالة، وإثبات البعث والجزاء، وذكر القيامة وهولها،
والنار وعذابها، والجنة ونعيمها، ومجادلة المشركين بالبراهين العقلية، والآيات الكونية.
2- وضع الأسس العامة للتشريع والفضائل الأخلاقية التي يقوم عليها كيان المجتمع،
وفضح جرائم المشركين في سفك الدماء،وأكل أموال اليتامى ظلمًا، ووأد البنات، وما كانوا عليه من سوء العادات
3- ذكر قصص الأنبياء والأمم السابقة زجرًا لهم حتى يعتبروا بمصير المكذبين قبلهم،
وتسلية لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى يصبر على أذاهم ويطمئن إلى الانتصار عليهم.
4- قصر الفواصل مع قوة الألفاظ، وإيجاز العبارة، بما يصخ الآذان، ويشتد قرعه على المسامع،
ويصعق القلوب، ويؤكد المعنى بكثرة القَسَم، كقصار المفصَّل إلا نادرًا.
** ( مباحث في علوم القرآن لمناع القطان )