الأوقات المنهى عن الصلاة فيها
قضاء السنن الرواتب في أوقات النهى
يجوز قضاء السنن الرواتب ولو في الأوقات المنهى عن الصلاة فيها لما يأتى :
لحديث أم سلمة أنها رأت النبى صلى الله عليه وسلم يصلى ركعتين بعد العصر فسألته عن ذلك فقال :
يابنت أبى أمية سألت عن الركعتين بعد العصر فإنه أتانى أناس من بنى عبد القيس فشغلونى عن الركعتين اللتين بعد الظهر فهما هاتان "
وهذا الحديث خرجه البخاري ، والذي ترجم لباب في صحيحه بقوله :
وَقَالَ كُرَيْبٌ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ وَقَالَ شَغَلَنِي نَاسٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ [1].
وقد ورد من حديث عائشة عند الشيخين واللفظ للبخاري أنها قَالَتْ
وَالَّذِي ذَهَبَ بِهِ مَا تَرَكَهُمَا حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ وَمَا لَقِيَ اللَّهَ تَعَالَى حَتَّى ثَقُلَ عَنْ الصَّلَاةِ وَكَانَ يُصَلِّي كَثِيرًا مِنْ صَلَاتِهِ قَاعِدًا تَعْنِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّيهِمَا
[2] وَلَا يُصَلِّيهِمَا فِي الْمَسْجِدِ مَخَافَةَ أَنْ يُثَقِّلَ عَلَى أُمَّتِهِ وَكَانَ يُحِبُّ مَا يُخَفِّفُ عَنْهُمْ
والشاهد قولها : ( والذي ذهب به ما تركهما حتى لقي الله ) فهي تحلف على ذلك .
وفي حديث آخر لأم المؤمنين عائشة عند الشيخين واللفظ للبخاري أنها قَالَتْ :
" رَكْعَتَانِ لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَعُهُمَا سِرًّا وَلَا عَلَانِيَةً رَكْعَتَانِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ الْعَصْرِ ".
وفي الرواية الأخرى : ( ما ترك السجدتين بعد العصر عندي قط )
وفي الرواية الأخرى ( لم يكن يدعهما سرا ولا علانية )وفي الرواية الأخيرة ( ما كان يأتيني في يوم بعد العصر إلا صلى ركعتين ) وقد تمسك بهذه الروايات
كما يقول ابن حجر في من أجاز التنفل بعد العصر مطلقا ما لم يقصد الصلاة عند غروب الشمس وأجاب عنه من أطلق الكراهة بأن
فعله هذا يدل على جواز استدراك ما فات من الرواتب من غير كراهة وأما مواظبته صلى الله عليه وسلم على ذلك فهو من خصائصه والدليل عليه
رواية ذكوان مولى عائشة أنها حدثته أنه صلى الله عليه وسلم وسلم " كان يصلي بعد العصر وينهي عنها ويواصل وينهي عن الوصال " رواه أبو داود ورواية أبي سلمة عن عائشة
في نحو هذه القصة وفي آخره " وكان إذا صلى صلاة أثبتها " رواه مسلم قال البيهقي : الذي اختص به صلى الله عليه وسلم المداومة على ذلك لا أصل القضاء.
وقد خرج الشيخان عَنْ كُرَيْبٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَزْهَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَرْسَلُوهُ إِلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا
فَقَالُوا اقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلَامَ مِنَّا جَمِيعًا وَسَلْهَا عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ وَقُلْ لَهَا إِنَّا أُخْبِرْنَا عَنْكِ أَنَّكِ تُصَلِّينَهُمَا وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهَا
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَكُنْتُ أَضْرِبُ النَّاسَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ عَنْهَا فَقَالَ كُرَيْبٌ فَدَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَبَلَّغْتُهَا مَا أَرْسَلُونِي
فَقَالَتْ سَلْ أُمَّ سَلَمَةَ فَخَرَجْتُ إِلَيْهِمْ فَأَخْبَرْتُهُمْ بِقَوْلِهَا فَرَدُّونِي إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ بِمِثْلِ مَا أَرْسَلُونِي بِهِ إِلَى عَائِشَةَ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَنْهَى عَنْهَا ثُمَّ رَأَيْتُهُ يُصَلِّيهِمَا حِينَ صَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ دَخَلَ عَلَيَّ وَعِنْدِي نِسْوَةٌ مِنْ بَنِي حَرَامٍ مِنْ الْأَنْصَارِ فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِ الْجَارِيَةَ فَقُلْتُ قُومِي بِجَنْبِهِ فَقُولِي لَهُ تَقُولُ لَكَ
أُمُّ سَلَمَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ سَمِعْتُكَ تَنْهَى عَنْ هَاتَيْنِ وَأَرَاكَ تُصَلِّيهِمَا فَإِنْ أَشَارَ بِيَدِهِ فَاسْتَأْخِرِي عَنْهُ فَفَعَلَتْ الْجَارِيَةُ فَأَشَارَ بِيَدِهِ فَاسْتَأْخَرَتْ عَنْهُ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ
يَا بِنْتَ أَبِي أُمَيَّةَ سَأَلْتِ عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَإِنَّهُ أَتَانِي نَاسٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ فَشَغَلُونِي عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ فَهُمَا هَاتَانِ [3].
وحديث قيس بن عمرو في سنن الترمذي قال : خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَصَلَّيْتُ مَعَهُ الصُّبْحَ ثُمَّ انْصَرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَوَجَدَنِي أُصَلِّي فَقَالَ مَهْلًا يَا قَيْسُ أَصَلَاتَانِ مَعًا قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَمْ أَكُنْ رَكَعْتُ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ قَالَ فَلَا إِذَنْ ، وفي رواية أبي داود :
فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ابن الملك : سكوته يدل على قضاء سنة الصبح بعد فرضه لمن لم يصلها قبله
ولعموم قوله صلى الله عليه وسلم : من نسى صلاة فليصلها إذا ذكرها وهذا مذهب مالك والشافعى .
وقال الترمذي عن الحديث أنه مرسل ومنقطع ، ولكن قال الشوكاني في نيل الأوطار وليس بجيد فقد جاء متصلا من رواية يحيى بن سعيد عن أبيه عن جده قيس
رواه ابن خزيمة في صحيحه وابن حبان من طريقه وطريق غيره والبيهقي في سننه عن يحيى بن سعيد عن أبيه عن جده قيس المذكور وقد قيل إن سعيد بن قيس
لم يسمع من أبيه فيصح ما قاله الترمذي من الانقطاع وأجيب عن ذلك بأنه لم يعرف القائل بذلك انتهى .
وهذا الحديث أخرجه الحاكم في مستدركه ، وأخرجه الدار قطني في سننه .
[1] ( البخاري – ك مواقيت الصلاة - بَاب مَا يُصَلَّى بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ الْفَوَائِتِ وَنَحْوِهَا)
[2] ( البخاري – ك مواقيت الصلاة - بَاب مَا يُصَلَّى بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ الْفَوَائِتِ وَنَحْوِهَا)
[3] ( البخاري – ك الجمعة – إذا كلم وهو يصلي فأشار بيده واستمع ) و ( مسلم في ك صلاة المسافرين وقصرها – باب معرفة الركعتين اللتين كان النبي يصليهما بعد العصر )