التصنيف : تاريخ النشر: 06-03-2017 | عدد الزيارات: 2188القسم: جمع القرآن وتاريخه
لماذا لم يجمع القرآن أيامئذ في صحف ولا مصاحف؟
وإنما لم يجمع القرآن في صحف ولا مصاحف لاعتبارات كثيرة: أولها: أنه لم يوجد من دواعي كتابته في صحف أو مصاحف مثل ما وجد على عهد أبي بكر حتى كتبه في صحف. ولا مثل ما وجد على عهد عثمان حتى نسخه في مصاحف. فالمسلمون وقتئذ بخير والقراء كثيرون والإسلام لم يستبحر عمرانه بعد والفتنة مأمونة والتعويل لا يزال على الحفظ أكثر من الكتابة وأدوات الكتابة غير ميسورة وعناية الرسول باستظهار القرآن تفوق الوصف وتوفي على الغاية حتى في طريقة أدائه على حروفه السبعة التي نزل عليها. وثانيها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان بصدد أن ينزل عليه الوحي بنسخ ما شاء الله من آية أو آيات. ثالثها: أن القرآن لم ينزل مرة واحدة بل نزل منجما في مدى عشرين سنة أو أكثر. رابعها: أن ترتيب آياته وسوره ليس على ترتيب نزوله فقد علمت أن نزوله كان على حسب الأسباب أما ترتيبه فكان لغير ذلك من الاعتبارات. وأنت خبير بأن القرآن لو جمع في صحف أو مصاحف والحال على ما شرحنا لكان عرضة لتغيير الصحف أو المصاحف كلما وقع نسخ أو حدث سبب. مع أن الظروف لا تساعد وأدوات الكتابة ليست ميسورة والتعويل كان على الحفظ قبل كل شيء. ولكن لما استقر الأمر بختام التنزيل ووفاة الرسول وأمن النسخ وتقرر الترتيب ووجد من الدواعي ما يقتضي نسخه في صحف أو مصاحف وفق الله الخلفاء الراشدين فقاموا بهذا الواجب حفظا للقرآن وحياطة لأصل التشريع الأول مصداقا لقوله سبحانه: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} .