الفرق بين القرآن والحديث القدسي والحديث النبوي
لكي نعرف الفرق بينه وبين الحديث القدسي والحديث النبوي نعطي التعريفين الآتيين
الحديث النبوي
الحديث في اللغة: ضد القديم، ويُطلق ويراد به كلام يُتحدث به ويُنقل ويَبلغ الإنسان من جهة السمع أو الوحي في يقظته أو منامه،
وبهذا المعنى سُمِّيَ القرآن حديثًا: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا} 1
وسُمِّيَ ما يُحَدَّثُ به الإنسان في نومه: {وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ} 2
والحديث في الاصطلاح: ما أُضِيفَ إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- من قول أو فعل أو تقرير أو صفة
فالقول: كقوله صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى.." 3
والفعل: كالذي ثبت من تعليمه لأصحابه كيفية الصلاة ثم قال: "صَلُّوا كما رأيتموني أُصَلِّي" 4، وما ثبت من كيفية حجه، وقد قال: "خذوا عني مناسككم" 5.
والإقرار: كأن يُقِرَّ أمرًا عَلِمَهُ عن أحد الصحابة من قول أو فعل.
سواء أكان ذلك في حضرته -صلى الله عليه وسلم- أما في غيبته ثم بلغه،
ومن أمثلته: "أكل الضب على مائدته, صلى الله عليه وسلم"
"وما رُوِي من أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعث رجلًا على سرية
وكان يقرأ لأصحابه في صلاته فيختم بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أحَدٌ} 6
فلما رجعوا ذكروا ذلك له عليه الصلاة والسلام، فقال: سلوه لأي شيء يصنع ذلك؟ فسألوه
فقال: لأنها صفة الرحمن وأنا أحب أن أقرأ بها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم
"أخبروه أن الله يحبه" 7
والصفة: كما رُوِيَ: "من أنه -صلى الله عليه وسلم- كان دائم البِشر، سهل الخُلُق، لَيِّنَ الجانب، ليس بفظٍّ ولا غليظٍ ولا صخَّاب ولا فحَّاش ولا عيَّاب
الحديث القدسي
عرَّفنا معنى الحديث لغة والقدسي: نسبة إلى القدس، وهي نسبة تدل على التعظيم
لأن مادة الكلمة دالة على التنزيه والتطهير في اللغة،
فالتقديس: تنزيه الله تعالى، والتقديس: التطهير، وتقدَّس: تطهَّر،
قال الله تعالى على لسان ملائكته: {وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ} 8, أي نُطَهِّرُ أنفسنا لك
والحديث القدسي في الاصطلاح: هو ما يضيفه النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الله تعالى،
أي إن النبي -صلى الله عليه وسلم- يرويه على أنه من كلام الله، فالرسول راوٍ لكلام الله بلفظ من عنده،
وإذا رواه أحد رواه عن رسول الله مُسْنَدًا إلى الله عز وجل،
فيقول: "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه عز وجل....".
أو يقول: "قال رسول الله, صلى الله عليه وسلم: قال الله تعالى - أو يقول الله تعالى ... ".
ومثال الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم
فيما يرويه عن ربه عز وجل: "يد الله ملأى لا يغيضها نفقة، سحَّاء الليل والنهار ... " 9
ومثال الثاني: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
قال: يقول الله تعالى "أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي،
وإن ذكرني في ملأٍ ذكرته في ملأٍ خير منه ... " 10
الفرق بين القرآن والحديث القدسي
هناك عدة فروق بين القرآن الكريم والحديث القدسي أهمها
1- أن القرآن الكريم كلام الله أَوْحَى به إلى رسول الله بلفظه، وتحدى به العرب، فعجزوا عن أن يأتوا بمثله،
أو بعشر سور مثله، أو بسورة من مثله، ولا يزال التحدي به قائمًا، فهو معجزة خالدة إلى يوم الدين.
والحديث القدسي لم يقع به التحدي والإعجاز.
2- والقرآن الكريم لا يُنْسَب إلا إلى الله تعالى، فيقال: قال الله تعالى
والحديث القدسي -كما سبق- قد يُرْوَى مضافًا إلى الله وتكون النسبة إليه حينئذ نسبة إنشاء فيقال: قال الله تعالى، أو: يقول الله تعالى، وقد يُرْوَى مضافًا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتكون النسبة حينئذ نسبة إخبار لأنه عليه الصلاة والسلام هو المُخْبِرُ به عن الله، فيقال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه عز وجل.
3- والقرآن الكريم جميعه منقول بالتواتر، فهو قطعي الثبوت، والأحاديث القدسية أكثرها أخبار آحاد، فهي ظنية الثبوت
وقد يكون الحديث القدسي صحيحًا، وقد يكون حسنًا، وقد يكون ضعيفًا
4- والقرآن الكريم من عند الله لفظًا ومعنًى، فهو وحي باللفظ والمعنى
والحديث القدسي معناه من عند الله، ولفظه من عند الرسول -صلى الله عليه وسلم
على الصحيح فهو وحي بالمعنى دون اللفظ، ولذا تجوز روايته بالمعنى عند جمهور المحدِّثين
والقرآن الكريم مُتَعَبَّدٌ بتلاوته، فهو الذي تتعين القراءة به في الصلاة: {فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} 11
5-وقراءته عبادة يُثيب الله عليها بما جاء في الحديث: "من قرأ حرفًا من كتاب الله تعالى فله حسنة
والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول "ألم" حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف" 12
والحديث القدسي لا يجزئ في الصلاة، ويثيب الله على قراءته ثوابًا عامًّا
فلا يصدق فيه الثواب الذي ورد ذكره في الحديث على قراءة القرآن، بكل حرف عشر حسنات
( مباحث في علوم القرآن لمناع القطان )
1 النساء: 87
2 يوسف: 101
3 من حديث طويل رواه البخاري ومسلم عن عمر بن الخطاب
4 رواه البخاري
5 أخرجه مسلم وأحمد والنَّسائي
6 الإخلاص: 1
رواه البخاري ومسلم7
8 البقرة: 30
9 أخرجه البخاري
10 أخرجه البخاري ومسلم
11 المزمل: 20
12 رواه الترمذي عن ابن مسعود وقال: حديث حسن صحيح