الصلاة عرفت في جميع الشرائع ووجبت على كافة الأمم السابقة
الصلاة عرفت في جميع الشرائع ووجبت على كافة الأمم السابقة
فالصلاة لم تختص بها الأمة الاسلامية وإنما قد شرعت في جميع الملل السابقة
.. وقد ثبت ذلك بكتاب الله تعالى وبسنة النبي صلى الله عليه وسلم ..
ففي كتاب الله تعالى : نجد أن الصلاة ذكرت في القرآن كثيرا في سياق الحديث عن الأمم السابقة ،
فيقول تعالى على لسان إبراهيم :} رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ{ إبراهيم 40
{ وقال تعالى{ وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ
البقرة 125
وقال المولى عز وجل عن إسماعيل عليه السلام : " وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا
وقال تعالى مخاطبا موسى : }إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي { طه
14وقال تعالى على لسان مشركي مدين :} قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ ۖ إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ{ هود 87 ،
وقال تعالى عن داود : } وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ{ سورة (ص) 24 ،
وقال تعالى عن زكريا : } فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ { آل عمران 39 ،
مثل قوله تعالى يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ
{ آل عمران 43
وقال تعالى على لسان عيسى : } وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا { مريم 31،
وقال تعالى على لسان لقمان : } يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ ۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ { لقمان 17 ،
وفي سورة الكهف يخبرنا المولى سبحانه عما فعله أهل السلطان بهؤلاء الفتية :" قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا " الكهف ،
وهذا يؤكد معرفتهم للمساجد وهي أماكن أداء الصلاة
وفي سنة النبي صلى الله عليه وسلم : نجد الكثير من الأحاديث تفيد أن الصلاة - فضلا عن الوضوء لها - كانت معروفة في الأمم السابقة
1- فهذه سارة رضي الله عنها زوج خليل الرحمن تتوضأ وتصلي لما تعرض لها جبار مصر فينجيها المولى سبحانه من كيده ،
كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
الذي خرجه البخاري وفيه
فَقَامَ إِلَيْهَا فَقَامَتْ تَوَضَّأُ وَتُصَلِّي فَقَالَتْ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ آمَنْتُ بِكَ وَبِرَسُولِكَ وَأَحْصَنْتُ فَرْجِي إِلَّا عَلَى زَوْجِي فَلَا تُسَلِّطْ عَلَيَّ الْكَافِرَ فَغُطَّ حَتَّى رَكَضَ بِرِجْلِهِ ... " .
3- كما بينت السنة أن نبي الله داود كان يقوم ثلث الليل دوما ففي صحيح البخاري من حديث عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : "
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ أَحَبُّ الصَّلَاةِ إِلَى اللَّهِ صَلَاةُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام وَأَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ
وَكَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ وَيَنَامُ سُدُسَهُ وَيَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا
4- كما ورد أن الصلاة كانت معروفة في الأمم السابقة وتحديدا في زمن بني إسرائيل
وذلك ثابت بما خرجه البخاري من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ رَجُلٌ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ يُقَالُ لَهُ جُرَيْجٌ يُصَلِّي
فَجَاءَتْهُ أُمُّهُ فَدَعَتْهُ فَأَبَى أَنْ يُجِيبَهَا فَقَالَ أُجِيبُهَا أَوْ أُصَلِّي ثُمَّ أَتَتْهُ
فَقَالَتْ اللَّهُمَّ لَا تُمِتْهُ حَتَّى تُرِيَهُ وُجُوهَ الْمُومِسَاتِ وَكَانَ جُرَيْجٌ فِي صَوْمَعَتِهِ فَقَالَتْ امْرَأَةٌ لَأَفْتِنَنَّ جُرَيْجًا
فَتَعَرَّضَتْ لَهُ فَكَلَّمَتْهُ فَأَبَى فَأَتَتْ رَاعِيًا فَأَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا
فَوَلَدَتْ غُلَامًا فَقَالَتْ هُوَ مِنْ جُرَيْجٍ فَأَتَوْهُ وَكَسَرُوا صَوْمَعَتَهُ فَأَنْزَلُوهُ وَسَبُّوهُ فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى ثُمَّ أَتَى الْغُلَامَ
فَقَالَ مَنْ أَبُوكَ يَا غُلَامُ قَالَ الرَّاعِي قَالُوا نَبْنِي صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ قَالَ لَا إِلَّا مِنْ طِينٍ
ومن ثم فقد عرفت الصلاة في الشرائع السابقة قبلنا كانت لهم صلاة وإن كانت ليست مماثلة لصلاتنا في الأوقات ولا في الهيئات . مراحل فرض الصلاة
من المعلوم أن الصلوات الخمس في اليوم والليلة قد فرضت ليلة عرج بالنبي صلى الله عليه وسلم في السماء..
لكن لايعني ذلك أن الصلاة لم تعرف قبل ليلة الإسراء والمعراج أي في السنة الثانية عشر من البعثة
وذلك لأن الصلاة قد وردت في أول سورة نزلت وهي سورة العلق
في قول المولى سبحانه وتعالى : " أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى
وكذلك فسورة المزمل وهي من أوائل السور المكية نزولا يقول المولى سبحانه وتعالى: "إن ربك يعلم أنك
تقوم أدنى من ثلثي الليل و نصفه و ثلثه و طائفة من الذين معك" وهو ما يفيد أن قيام الليل كان واجبا على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى أمته
ثم نسخ ذلك بختام هذه الآية ، وكذلك ففي سورة المدثر يقول المولى تعالى مخبرا عن المجرمين الكافرين و المؤمنون
يسألونهم: "ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين"
وهذه السورة أيضا من أوائل السور المكية نزولا ، و في سورة الماعون قول الحق سبحانه
" فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون"
. وهي من السور المكية الأول .. وهو ما يؤكد أن الصلاة كانت معروفة قبل ليلة الاسراء والمعراج
والصلاة لم تفرض بهيئتها وصفتها الحالية جملة واحدة
وإنما مر فرض الصلاة بعدة مراحل حتى استقرت على صفتها الحالية
وفيما يلي بيان المراحل التي مر بها فرض الصلاة