حكم تارك الصلاة
في الآيات والأحاديث ما يدل على تَكْفِيرُ تَارِكِهَا وَنَفْيُ الْإِيمَانِ عَنْهُ وَإِلْحَاقُهُ بِإِبْلِيسَ لعنه الله، كقوله تَعَالَى:
{فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا * إِلَّا مَنْ تاب وآمن وعمل صالحا} (1) .
فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ مُضَيِّعُ الصَّلَاةِ مُؤْمِنًا لَمْ يشترط في توبته الإيمان،
وَقَالَ تَعَالَى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ في الدين} (2) فَعَلَّقَ أُخُوَّتَهُمْ لِلْمُؤْمِنِينَ بِفِعْلِ الصَّلَاةِ، فَإِذَا لَمْ فعلوا لم يكونوا إخوة للمؤمنين في الدين، ويفهم منه أنهم ليسوا مؤمنين.
وفي صحيح مسلم عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يقول: (إن بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة) ،
وعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلَاةُ فَمَنْ تَرَكَهَا فقد كفر) رواه الترمذي (3) ،
وَلَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - لا يرون شيئاً من الأعمال كفر غير الصلاة (4) .
وفي الشريعة المطهرة التصريح بوجوب قتل تارك الصلاة،
كقوله تَعَالَى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سبيلهم} (5) ،
وَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا الله وأن محمد رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ... ) (6) ،
وأما الآثار عن الصحابة فأكثر من أن تُحْصَرَ، وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى قَتْلِهِ كُفْرًا إِذَا كان تركه الصلاة عن جحود أو استكباراً وإن قال لا إله إلا الله، وأما إن كان تركه لا جحود لفريضتها ولا استكبار عنها بَلْ لِنَوْعِ تَكَاسُلٍ وَتَهَاوُنٍ كَمَا هُوَ حَالُ كثير من الناس
فقد اختلف العلماء هل يقتل كفراً أم حداً (7) إلا ما كان من أبي حنيفة وجماعته أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ وَلَا يُقْتَلُ بَلْ يُعَزَّرُ ويحبس حتى يصلي.
_________
(1) مريم: 59، 60.
(2) التوبة: 11.
(3) صحيح. صحيح سنن الترمذي 2113.
(4) صحيح. صحيح سنن الترمذي 2114.
(5) التوبة: 5.
(6) رواه البخاري ومسلم وقد سبق.
(7) أي هل يقتل كافراً بإقامة حد المرتد عليه أم يقتل حداً على تركه الصلاة لا حد المرتد.